اعتبر الامام الخميني الراحل انتفاضة ’15 خرداد’ (5 حزيران 1963) التاريخية، “المصدر والانطلاق ونقطة البداية للثورة الاسلامية”، كونها هيأت بداية مواجهة النهضة الاسلامية لحكم الاستبداد البهلوي والتي وفرت الارضية المناسبة لبلورة المبادئ الفكرية والسياسية والاجتماعية للثورة الاسلامية.
لقد انطلقت نهضة الامام الخميني في العام 1962 وانتصرت الثورة الاسلامية في العام 1979 ولاشك ان انتفاضة ’15 خرداد’ في العام 1963 لعبت دورا بارزا ولا ينكر في انتصار هذه الثورة.
وكانت قوات امن النظام البائد قد حذرت علماء الدين وخطباء المنابر من التحدث في 3 قضايا للمواطنين وهي التعرض بسوء لشخص الشاه والتحدث عن اسرائيل والقول بان الاسلام في خطر.
الامام الراحل الذي اثبت صلابته وعزمه الراسخ في مقارعة الاستبداد الحاكم، اطلق في 3 حزيران /يونيو عام 1963 والذي صادف يوم عاشوراء (العاشر من محرم) خطابا ناريا ضد النظام البلوي.
لم يعر الامام الراحل اهتماما لتحذيرات القوي الامنية، كما اعتبر تصرف الشاه هذا بانه يعود لخوفه من صحوة وحركة الشعب في مواكبة النهضة الاسلامية.
واشار في جانب من خطابه يوم عاشوراء بمدرسة ‘الفيضية’ الدينية في قم المقدسة، الي استدعاء القوي الامنية للوعاظ والخطباء في طهران وتحذيرهم من 3 قضايا وهي التعرض بكلمة سوء للشاه والتهجم علي “اسرائيل” والقول بان الاسلام في خطر، وان يتحدثوا فيما عداها عما يشاؤون.
واضاف، ان جميع مشاكلنا وخلافاتنا (مع النظام البائد) كامنة في هذه القضايا. ولو لم تكن هذه القضايا الثلاث لما كان هنالك خلاف، واذا لم نقل ان الشاه كذا وكذا فهل سيصح غير ذلك؟ واذا لم نقل ان اسرائيل خطر علي الاسلام والمسلمين، فهل ستصبح غير خطرة؟ وفي الاساس ما هي العلاقة والنسبة بين الشاه واسرائيل بحيث يقول جهاز الامن لا تتحدثوا عن الشاه بسوء وكذلك عن اسرائيل؟ هل يري جهاز الامن بان الشاه اسرائيلي؟.
هذا الخطاب الذي القاه الامام الراحل والذي هاجم فيه الشاه ونظامه وجهاز امنه، كان في الحقيقة بداية العد العكسي لسقوط ذلك النظام.
خطاب الامام الخميني (ره) انتشر في طهران علي وجه السرعة، وفي الساعة الرابعة من فجر يوم 5 حزيران توجهت من طهران الي قم عربات عسكرية تحمل جنودا وعناصر امنية لالقاء القبض علي الامام.
وبالفعل فقد قامت تلك القوات بالقاء القبض علي الامام وهو منهمك بالصلاة وقاموا باحتجازه في معتقل الضباط بطهران ومن ثم نقلوه مساء اليوم نفسه الي سجن ‘قصر’.
ان انتشار خبر اعتقال الامام الخميني بين المواطنين، ادي الي اندلاع انتفاضة شعبية واسعة ضد نظام بهلوي في 5 حزيران، فتوجه جموع الجماهير، شبابا وشيوخا، نساء ورجالا، صوب منزل قائدهم وشعارهم الرئيس كان ‘اما الموت واما الخميني’ الذي كان يسمع في كل ارجاء مدينة قم.
قوات النظام انتشرت علي عجالة في المدينة لارعاب المواطنين وقمع الانتفاضة الشعبية بشدة، ومن جانب اخر انتشر خبر اعتقال الامام الي سائر المدن ومنها طهران وشيراز ومشهد، حيث خرجت الجماهير وهي تطلق الشعارات المؤيدة للامام والمطالبة بالافراج عنه.
الجماهير تحركت من مدينة ورامين جنوب طهران نحو العاصمة الا ان القوات الامنية تصدت لهم واطلقت النار عليهم مما ادي الي استشهاد الكثير منهم ومن المتظاهرين في سائر الاماكن. كما تحركت جموع غفيرة من الجماهير في طهران نحو قصر الشاه.
يقول الفريق حسين فردوست وكان من اقرب الافراد للشاه محمد رضا بهلوي حول انتفاضة 15 خرداد ، ان ‘مسؤولي الامن والاستخبارات في البلاد لم يكونوا علي اطلاع بهذه الحركة. وان محمد رضا لم ياخذ قضية علماء الدين علي محمل الجد وكان يعتبر خطر تيمور بختيار اكثر من خطر الشعب. وبما ان الحركة كانت حركة شعبية ومن دون تخطيط مسبق فان السافاك قد بوغت وانتاب محمد رضا شاه هلع شديد’.
النظام فرض حالة الاحكام العرفية في طهران وقم ومع ذلك فقد نظمت تظاهرات واسعة في الايام التالية وفي كل مرة كانت تحدث مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات النظام تنتهي بسقوط الكثير من الشهداء.
وبعد 19 يوما من اعتقاله في سجن ‘قصر’ نقل الامام الخميني (ره) الي سجن في معسكر ‘عشرت اباد’ بطهران، وكان الشاه وبعد يومين من انتفاضة 15 خرداد قد وصف الانتفاضة بانها ‘اثارة فوضي واعمال وحشية’ وسعي لربطها بالخارج.
وكانت الحكومة قد اعلنت بان عدد القتلي (الشهداء) كان اقل من 90 شخصا فيما اعلن مراقبون بان عدد الشهداء بلغ عدة الاف، ومن ثم اطلق النظام سراح الامام بعد شهر ونصف من ذلك.
ان انتفاضة 15 خرداد كانت انتفاضة مباغتة وتحركا شعبيا انفجاريا في وجه نظام مستبد استخدم آلته العسكرية والامنية لقمعها بكل شدة وعنف.
وفي الختام يجدر القول بان الشعب الايراني بانتفاضته تلك ضد النظام البائد المستبد قد اثبت عزمه وثباته في النضال بقيادة الامام الخميني الحكيمة والفذة للوصول تاليا الي انتصار الثورة الاسلامية والذي تحقق في 22 بهمن (11 شباط /فبراير 1979).
ارنا