اصبح الدكتور حسام ابو صفية بحق اشهر ايقونة فلسطينية تجسد تضحيات الكادر الطبي الفلسطيني الذي اصر على اداء واجبه الانساني في حرب الابادة على غزة رغم ان الكوادر الطبية مستهدفة بالقتل المباشر من قبل جيش الاحتلال حتى وصل عدد شهداء الكوادر الطبية في غزة الى 1200 شخص منذ العدوان الصهيوني على غزة في اكتوبر عام 2023 / .
ومن قلب قطاع غزة، حيث تصبح الحياة اليومية مقاومة مستمرة، برز اسم الدكتور حسام أبو صفية كرمز للصمود الإنساني والطبي. … الطبيب الفلسطيني الذي تحدّى الظروف القاسية، تجاوز الألم الشخصي والجراح، ليصبح صوتًا للأمل والمقاومة في وجه الاحتلال الصهيوني.
وُلد حسام إدريس أبو صفية، المعروف بكنيته “أبو إلياس”، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1973 في مخيم جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة. نشأ في عائلة فلسطينية هُجّرت من بلدة حمامة عام 1948، في قضاء عسقلان.
و حصل الدكتور حسام على درجة الماجستير وشهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة، وكرّس حياته لخدمة أطفال غزة. شغل منصب مدير مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، والذي تحوّل، في ظل الحصار والقصف الإسرائيلي، إلى رمز للصمود في وجه الاحتلال.
في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 فرض الجيش الصهيوني حصاراً خانقاً على محافظة شمال قطاع غزة، ومنع دخول الطعام والماء، كما شن غارات جوية وقصفا متواصلا، مما أسفر عن مجازر بحق المدنيين في المنطقة.
وقد حدّ حصار شمال القطاع من عمل المستشفيات في المناطق المحاصرة، ومنها مستشفى كمال عدوان، ورغم ذلك فإن أعضاء الكادر الطبي المكون من طبيبين -أحدهما أبو صفية- وعدد قليل من الممرضين واصلوا أداء واجبهم الإنساني، ورفضوا الانصياع لأوامر الجيش المتكررة لإخلاء مباني المستشفى ومغادرة المحافظة رغم استمرار اعتداءاته بحقهم.
اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي يوم 25 أكتوبر/تشرين الثاني 2024 مستشفى كمال عدوان، واعتقلت مديره حسام أبو صفية مع مئات المصابين والطواقم الطبية، وبعد إفراجها عنه تلقى خبر استشهاد ابنه إلياس في غارة صهيونية.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أصيب الدكتور أبو صفية جراء استهدافه من مسيّرة إسرائيلية أثناء خروجه من غرفة العمليات، وأوضح أنه أصيب بـ6 شظايا اخترقت منطقة الفخذ سببت تمزقاً في الأوردة والشرايين.
لم يتوقف أبو صفية عن مناشدة العالم لإنقاذ مستشفى كمال عدوان من الانهيار والتدمير، في ظل مواصلة الجيش الإسرائيلي استهداف محيطه بالقصف والتفجيرات ليلا ونهارا.
هذه الهجمات أسفرت عن مقتل عدد من الأطباء والمرضى، بينهم أطفال، داخل المستشفى وعلى أبوابها، مما حولها من ملاذ للشفاء إلى “ساحة للألم”.
وقبل الاقتحام الأخير بأيام في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2024، نشر أبو صفية على حسابه في “فيسبوك” مقطع فيديو وثق فيه آلية لجيش الاحتلال الاسرائيلي قامت بوضع “صندوق خشبي من المتفجرات”، أمام إحدى بوابات المشفى. وكتب جيش الاحتلال على الصندوق باللغة الإنجليزية كلمة “خطر”، كما رسم على أحد جوانبه إشارة الخطر (مثلث بداخله علامة تعجب)، وفق ما ظهر في الفيديو.
وأرفق أبو صفية الفيديو بمنشور مقتضب قال فيه: “آليات الاحتلال، الآلية (روبوتات)، تقوم بوضع صناديق متفجرات على بوابات مستشفى كمال عدوان”.
والجمعة في 27 ديسمبر الجاري، بلغت عمليات الاعتداء على المستشفى ذروتها، حيث اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان مجددا، ودمّر أجزاء كبيرة منه وأحرق أقساما. و بالنسبة لإسرائيل، لا يشفع الرداء الأبيض لتجنيب الطبيب مرارة الاعتقال مثله مثل أي مجرم خطير، والتهمة أنه طبيب، فلا تهمة أخرى تلفّق لمن رفض التخلي عن إنسانيته مع أهل غزة.
والسبت في 28 ديسمبر، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، في بيان مقتضب: “قوات الاحتلال تعتقل الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان”.
وفي مشهد مؤلم، خرج أبو صفية بردائه الأبيض، محاطا بجنود إسرائيليين مدججين بالسلاح، وامامه طابور من الدبابات ليتم اعتقاله تحت تهديد السلاح.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة تظهر أبو صفية مرتديا زي الطبيب وهو يمشي وسط ركام المستشفى والمنازل، محاطا بآليات عسكرية، في لحظة تختزل مأساة غزة وصموده في وجه الإبادة لإنقاذ حياة المصابين والمرضى.
تعليقا على اعتقال أبو صفية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، في بيان: “نودّع العام بصورة رجل ما هزّته دولة نووية، ولا أخافته دبابات فولاذية، يضطر للذهاب لمصيره بقدميه الحافيتين، وكل حبة تراب تحتها تقبل ملامسه”.
وأضاف واصفا الصورة التي وثّقت الاعتقال المخزي الذي نفذه جيش إسرائيل بحق طبيب سلاحه الوحيد أدوات إنقاذ حياة الآخرين: “صورة خذلان ملياري مسلم، صورة هوان 450 مليون عربي، صورة تآمر كوكب كامل على بقعة صغيرة اسمها غزة وصورة تدين تآمر الحكام المطبعين”.