أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار العالم / الشيعة في العالم / شيعة لبنان : ثورة الامام الحسين وعاشوراء مدرسة في تحد االعثمانيين والاسرائيليين

شيعة لبنان : ثورة الامام الحسين وعاشوراء مدرسة في تحد االعثمانيين والاسرائيليين

يروي كبار السن من المسلمين الشيعة في لبنان عن أجدادهم أنهم كانوا إذا جاء شهر محرم يلجأون إلي الكهوف والمغاور لإحياء مراسم عاشوراء التي منعها العثمانيون طوال فترة حكمهم لمنطقتنا.

واعتاد أهالي جبل عامل تحدي السلطة الحديدية للعثمانيين وأصروا علي شعائر كان إحياؤها يشكل استحقاقا وجوديا لهم ولحضورهم في ذلك الجبل. بعد ذلك بقرون وتحديدًا في القسم الأول من ثمانينيات القرن العشرين عرفت مدينة النبطية المشهورة بإحيائها الخاص للذكري حادثة لا تزال ماثلة في الأذهان.
بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة النبطية في احد أيام عاشوراء. لكن سرعان ما ندم الجيش المحتل علي فعلته. فقد تحولت المسيرات الحسينية إلي مواجهات دامية مع جنود الاحتلال. انسحب الإسرائيليون من ساحات المدينة وقد لُقنوا درسًا ظلوا يدفعون فاتورته حتي أيار/مايو ۲۰۰۰: لا يمكن هزيمة شعب يحمل فكر الحسين (ع)ويتفاعل مع حادثة استشهاده ويرفع شعار كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء.
بين الزمنين تغيرات وتحولات. من إحياء سري مشوب بالخوف والقلق الوجودي إلي زمن يخرج فيه الشيعة يوم العاشر من المحرم من كل عام في تظاهرات عارمة هي الأكبر والأضخم في تاريخ لبنان والأكثر تأثيرًا في مجريات الأمور وتطوراتها محليا وإقليميًا.
يجمع المؤرخون والمتابعون لتاريخ إحياء شعائر محرم علي أن مجالس العزاء في بلاد الشام قديمة قدم وجود الشيعة في هذه الأرض. لم يتوقف الشيعة في أي من المراحل عن عقد الاجتماعات وإقامة مجالس العزاء وذرف الدموع وإلقاء المرثيات.. مع انهيار الدولة العثمانية بدأ منحي جديد ومختلف يظهر علي هذا المستوي.
يتحدث الشيخ حسين الخشن مدير «المعهد الشرعي الإسلامي» (حوزة دينية) عن هذه النقطة. يلفت إلي دور السيد محسن الأمين في تنظيم وتهذيب السيرة الحسينية والي دور السيد عبد الحسين شرف الدين ومساهمته في ربط عاشوراء بالراهن من الأحداث وبهموم الأمة. أما في بيروت فكانت مجالس المدرسة العاملية المستمرة حتي اليوم . وقد تميزت تلك المجالس التي بدأت في العاصمة اللبنانية منذ العام ۱۹۳۸ بمشاركة رجال دين سنة ومسيحيين ما أعطي هذه الاحياءات بعدًا وطنيًا.
خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي تكرس ربط عاشوراء بالحدث العام وتحديدًا الحدث الفلسطيني. يري الشيخ الخشن أن خطابات وكلمات الشيخ محمد جواد مغنية والسيد هاشم معروف الحسني والشيخ عبد الله نعمة والسيد موسي عز الدين خلال المجالس العاشورائية صبت في هذا الاتجاه.
مع الإمام السيد موسي الصدر والسيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين أصبح المنبر الحسيني حاملاً ورافعة لقضايا الناس. برأي مدير «المعهد الشرعي الإسلامي»، خطا هذا الاتجاه وفي ذلك التوقيت خطوات متقدمة. إلا أن التغيير الجوهري حصل مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران.
يؤكد الخشن أن فكر الإمام الخميني أعطي معاني عاشوراء دفعة قوية. مع مفجر الثورة الإسلامية في إيران تحول المجلس العاشورائي بحسب الشيخ الخشن من زيارة إلي التاريخ القديم يعود بعدها الحسينيون إلي راهنهم كأن شيئًا لم يكن إلي رحلة من التاريخ إلي الحاضر. ربط الإمام الخميني الثورة الحسينية بواقع الناس المعاش. أرسي مفهوم الخط الحسيني مقابل الخط اليزيدي. القفزة النوعية كانت في إسقاط معني الحادثة التاريخية علي الوقائع الحالية.. ذهب الإمام الخميني (رض) إلي حد اعتبار الصهيونية المحتلة لفلسطين هي يزيد العصر وفلسطين المظلومة هي كربلاء اليوم.
هذا الفكر الخميني الحسيني أثمر في لبنان عمومًا وفي جبل عامل خصوصًا. لأي من مجالس عاشوراء انطلقت المقاومة التي شكلت أهم حالة مواجهة مع الكيان الصهيوني حتي إلحاق الهزيمة الأولي به في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. إضافة إلي أن جبل عامل وما يمثله علي المستوي الديموغرافي والسياسي لم يعد تلك المنطقة المهمشة والهامشية في لبنان. المنطقة التي كانت تعتبر من ملحقات لبنان الكبير أصبحت قلبه النابض والفاعل.
وإذا كان الإمام الخميني صاحب المقولة الشهيرة «كل ما لدينا من عاشوراء» فان الجزء الغالب من الشيعة في لبنان وتحديدًا المنضوون في خط المقاومة يقرون بأن كل الانجازات التي تحققت هي بفضل فكر الإمام الخميني (رض) ونظرته الثورية لمفهوم كربلاء وثورة الإمام الحسين (ع).
تفاعل الشيعة اللبنانيون بقوة وفعالية مع هذه الأفكار والمفاهيم. حملوها وطبقوها في مقاومتهم للعدو الإسرائيلي وحققوا نصرًا كان ترجمة واقعية لمعادلة انتصار الدم علي السيف. ليس هذا فقط. الخصوصية اللبنانية في هذا المجال تظهر من خلال أبعاد أخري. يعتبر الشيخ حسين الخشن أن الخطاب الحسيني في جبل عامل ومراسم عاشوراء بقيت مهذبة عن بعض الممارسات العنيفة التي عرفتها مناطق شيعية أخري. التطبير مثلا مورس ولكن بشكل محدود ومرفوض من الأغلبية.
يضيف أستاذ الحوزة الدينية إن المجالس العاشورائية في لبنان هي الوحيدة التي تتضمن خطابات لرجال دين تتضمن مواعظ ومواقف سياسية وذلك قبل قراءة العزاء إضافة إلي انفتاح المجالس الحسينية علي المذاهب والأديان الأخري إذ غالبا ما يحضر مجالس العزاء شخصيات مسلمة سنية فضلا عن رجال دين ومفكرين مسيحيين.
هكذا تتحول مجالس أبي عبد الله الحسين (ع) إلي مساحة تشارك والتقاء بين مكونات هذا البلد الصغير ما يعطي بارقة أمل خاصة في زمن التكفير ورفض الآخر.. تكفير لن يزيد الحسينيين في لبنان إلا تمسكا بنهج الحسين وبشعائر أيام محرم المباركة والحزينة.
خلال السنتين الماضيتين اللتين ارتفعت وتيرة التهديدات التكفيرية.. شهدت مجالس عاشوراء وتظاهراتها إقبالا أكبر في مختلف المناطق اللبنانية. يعتبر الشيعة اللبنانيون أن تفعيل هذه الشعائر هي أحد أوجه مقاومة التكفير ومواجهة فكره. يؤمنون إلي حد اليقين بأن المعركة مع التكفيريين الإرهابيين هي امتداد لمعركة كربلاء وفيها سينتصر الدم مرة جديدة علي السيف.

المصدر : مراسل وكالة ارنا الايرانية

عن شبكة نهرين نت الاخبارية

شبكة نهرين نت الاخبارية.. مشوار اعلامي بدأ في 1 يونيو – حزيران عام 2002 تهتم الشبكة الاخبارية باحداث العراق والشرق الاوسط والتطورات السياسية الاخرى والاحداث العالمية ، مسيرتها الاعلامية الزاخرة بالتحليل والمتابعة ، ساهمت في تقديم مئات التقارير الخاصة عن هذه الاحداث ولاسيما عن العراق ومنطقة الخليج والشرق الاوسط ، مستقلة غير تابعة لحزب او جماعة سياسية او دينية ، معنية بتسليط الضوء على التطورات السياسية في تلك المناطق ، وتسليط الضوء على الدور الخطير للجماعات الوهابية التكفيرية وتحالف هذه الجماعات مع قوى اقليمة ودولية لتحقيق اهدافها على حساب استقرار المنطقة وامنها .

شاهد أيضاً

صحيفة فرنسية : لهجوم الإيراني على اسرائيل شكل نجاحا استراتيجيا هائلا من جميع النواحي

أكدت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية: إن الهجوم الإيراني شكّل نجاحاً استراتيجياً هائلاً من جميع النواحي، وإنّ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *