“جثث متكدسة في كل مكان.. بالشوارع والمستشفيات وممرات الطرق”، هكذا هو المشهد الأقسى والأخطر على مدار أسبوعين من الصراع المحتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ولا يبدو أن السلطات لديها حل قريب لأزمة انتشار الجثث في كافة أرجاء البلاد، مما يعني أن السودان على حافة كارثة صحية وبيئية.
وبحسب شهود عيان، فإن مئات الجثث تنتشر في مختلف الشوارع، بعضها بدأ بالتعفن وتنبعث منها رائحة كريهة، ولا تزال الأعداد قابلة للزيادة بشكل مستمر.
وتقول فاطمة سليمان، التي غادرت الخرطوم قبل ساعات متجهة إلى مصر، إنه “لا يخلو شارع واحد في الخرطوم من رائحة الموتى، بعض الجثث مفقودة الهوية، وبعضها غادر أهله البلاد ولم يتمكنوا من دفنه، وحتى اللحظة لم تصل أي منظمات صحية أو إنسانية إليها حتى الآن بسبب استمرار علميات القتال بين الطرفين”.
ويقول محمد عبد الجليل، الذي غادر البلاد معها على نفس الرحلة، إن أحد أبناء عمومته قد فقد قبل أيام ولم يتمكن الأهل من العثور عليه أو على جثته، واضطر معظمهم لمغادرة البلاد بسبب احتدام الضرب واستهداف المدنيين في مختلف أرجاء البلاد، وتخشى الأسرة أن يكون قتل في المواجهات ولم يتمكنوا من دفنه، واصفا الأمر بأنه مأساة إنسانية ليس لها مثيل.
وفي هذا الصدد، يقول الصادق محمد، مدير الوكالة الدولية للتنمية والعون بالسودان، إن الوضع الصحي والبيئي في السودان على مشارف أزمة كارثية، مع استمرار انتشار الجثث في الشوارع.
ويشير محمد إلى توقف غالبية المنظمات الصحية والخدمية في البلاد عن العمل منذ اندلاع الأزمة قبل نحو أٍسبوعين وهو ما يزيد من خطورة الوضع الصحي الراهن، داعيا المنظمات الدولية إلى الضغط من أجل استئناف عملها لمنع كارثة بيئية وصحية، كما طالب بضرورة دفن جميع الموتى إكراما لهم وتحقيق مبدأ إنساني.