بعد الكشف في بنسلفانيا بشمال شرق الولايات المتحدة عن تجاوزات جنسية، ارتكبها مئات الكهنة ضد أكثر من ألف طفل خلال عقود، أقرّ البابا فرنسيس في رسالة غير مسبوقة وجهها إلى الكاثوليك أن الكنيسة “تخلّت عن الصغار” وهو لا يزال يتعرض لضغوط لتغيير الأوضاع في الأبرشيات بشكل جذري.
واعتبر رئيس أساقفة بوسطن الكاردينال شون أومالي الذي يدير لجنة لمكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال، في إعلان مكتوب أن “الوقت يمرّ بالنسبة إلينا جميعاً كقادة للكنيسة، نفد صبر الكاثوليك والمجتمع المدني فقد ثقته فينا”.
ورأى رئيس أساقفة دبلن المونسنيور دارمود مارتن الذي يستقبل البابا فرنسيس السبت في إيرلندا التي شهدت اعتداءات جنسية ارتكبها كهنة، أن هذه اللجنة صغيرة جداً كي تكون فعّالة.
وقال “لا يكفي الاعتذار” مضيفاً “يجب تفكيك هياكل تسمح أو تساعد على الاعتداءات بشكل نهائي”.
وكشف تحقيق لأجهزة المدعي العام في بنسلفانيا الأسبوع الماضي عن تجاوزات جنسية ارتكبها أكثر من 300 كاهن في هذه الولاية، وكان من ضحاياهم ألف طفل على الأقل.
وكتب أعضاء هيئة محلفين شعبية في تقرير يكشف عن تفاصيل فظيعة أن “كهنة كانوا يغتصبون صبياناً صغاراً وبنات صغيرات، وأن الذين كانوا مسؤولين عن الكهنة لم يفعلوا شيئاً طوال عقود”.
وهذه ضربة جديدة تُوجّه إلى البابا فرنسيس الذي يتعرض لانتقادات لبطئه في التحرك وتردده في اتخاذ موقف حيال بعض الكرادلة الذين يشتبه بسكوتهم عن الاعتداءات الجنسية.
وفي العام 2016، أدرج البابا فرنسيس في القانون الكنسي، إقالة أساقفة في حال “إهمال” بلاغات حول اعتداءات جنسية على أطفال.
لكن ضرورة إبلاغ القضاء المدني من خلال التسلسل الهرمي ليس مدرجاً ضمن القانون الكنسي، وباستثناء الدول، حيث يفرض القانون ذلك، فإن بعض الأبرشيات لا تريد سماع أي شيء عن الموضوع.
يذكر ان المحكمة العليا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية اعلنت أسماء أكثر من 300 قس في الكنيسة الكاثوليكية متهمين بممارسة انتهاكات جنسية ضد أطفال.
وأصدرت المحكمة تقريراً، يسرد تفاصيل تحقيقات أجرتها هيئة المحلفين الكبرى في الولاية، جاء فيه إن ألف طفل تعرضوا لانتهاكات جنسية من قبل أعضاء ست أبرشيات على مدى سبعين عام ماضية.
وكانت التحقيقات قد استمرت لعام ونصف، وكشفت عمليات تعتيم ممنهجة من قبل الكنيسة على حوادث الاعتداء.
وجاء في التقرير الذي يعتبر أحدث تحقيق في وقوع انتهاكات جنسية من قبل قساوسة، إنه “من خلال السجلات الخاصة بالكنيسة جرى تحديد أكثر من ألف شخص وقعوا ضحايا لتلك الانتهاكات”.
وتابع: “نعتقد أن العدد الحقيقي – للأطفال الذين فُقدت سجلاتهم أو الذين كانوا خائفين من الكشف عن ذلك – يصل إلى الآلاف”.
وذكر التقرير إن فتيان وفتيات صغار، ومراهقين، تعرضوا لانتهاكات جنسية من قبل رجال دين، مضيفاً أنه “جرى تجاهلهم جميعا من قبل قادة الكنيسة الذين فضلوا حماية المعتدين ومؤسستهم قبل كل شيء”.
وحجبت المحكمة أسماء بعض القساوسة، مدعية أن الكشف عن أسمائهم ينتهك حقوقهم الدستورية، بينما نشرت أسماء مئات القساوسة غيرهم.
وعلق المدعي العام في الولاية، جوش شابيرو، على ذلك قائلاً إن مكتبه يعمل على إزالة هذا الحجب، وأضاف أن مسؤولي الكنيسة دأبوا على وصف ما حدث بأنه “سلوك غير لائق.. لكن ما حدث اعتداء جنسيا على الأطفال، بما في ذلك الاغتصاب”.
وتشكلت هيئة المحلفين الكبرى في بنسلفانيا، عام 2016، وأجرت مقابلات مع عشرات الشهود وفحصت أكثر من 500 ألف صفحة من الوثائق الداخلية في أبرشية الولاية.