يتجمهر العراقيون على اختلاف اطيافهم عند باب الحوائج كل يوم سبت طلبا للشفاعة عند رب العالمين ببركات الامام الشيعي موسى الكاظم، الذي عرف براهب آل محمد وله قصة متداولة عبر الأجيال عن سجنه من قبل الخليفة العباسي هارون الرشيد بما يعيد في حكايات المنابر الحسينية التي تتداول حق الائمة المعصومين بالحكم وتتواصل هذه الحكاية مرورا بواقعة الطف ولا تنتهي عند احداث اليوم ما بين دواعش جدد يتلاعبون بالرؤوس المقطوعة، وبين حقوق مسلوبة من الشيعة وفقا لرواياتهم المتوارثة.
مشكلة التناقض بين الحكم الوضعي وبين الحكم الديني ان عامة الناس والكاتب منهم يؤمنون بشكل اقرب الى المطلق بان الحق الالهي في الحكم للدولة الدينية اقرب الى نموذج الدولة الفاضلة في زمن الرسول الاكرم وخلفائه الراشدين، وفي هذا الزمن المادي يجدون ان التضرع عند باب الحوائج في مسجد الامام موسى الكاظم فيه الكثير من البركات، لها روايات تذكر لطلب الشفاء او الحاجات المستعصية، هناك ذلك الرجل القروي الذي جاء بابنته الصغيرة ووقف عند باب الحوائج يطلب لها الشفاء من رب العزة سبحانه، وتركها عند الباب وذهب للتسوق ويعود ليجد ابنته قد أصابها الشفاء، ومثل هذه الحادثة واحدة من المشاهدات المتداولة ولست هنا بصدد التذكير بهذه الكرامات الربانية بل لتحديد نوع العلاقة بين المجتمع وبين آل بيت النبي الاطهار من جانب وكيفية استغلال ساسة الامس واليوم لهذه العلاقة من اجل مصالحهم في التربع على عرش السلطة سواء اكانوا في المعارضة ام في الحكم.
لا خلاف مذهبياً على حب آل بيت محمد لكن الخلاف كله عن حقهم في سلطة الحكم الديني، وهناك خلافات واضحة في التكوين المجتمعي ما بين المذهب الجعفري وبقية المذاهب لعل ابرزها مسألة الخُمس وطاعة اولي الامر ليس من السلطة الوضعية بل من ذلك الذي ينوب الامام المهدي الغائب عجل فرجه الشريف ويقلد من جمهور الشيعة، وهم اعمدة الحوزة الدينية، الذين لهم سلطة الولاية الخاصة والعامة مع اختلافهم في تأطير الولاية الخاصة بمفهوم ولاية الفقيه للحكم الوضعي وهي اجتهادات قديمة بدأت تظهر واضحة في ثورة المشروطية الايرانية عام 1906 وظهرت أوضح في كتاب اية الله النائيني المعنون «تنبيه الامة وتنزيه الملة في لزوم مشروطية الدولة المنتخبة لتقليل الظلم على افراد الامة وترقية المجتمع» الصادرسنة 1929م، والذي فرض وجود الفقيه المجتهد لضمان عمل البرلمان المنتخب وهو النموذج الذي طوره اية الله الخميني بعنوان ولاية الفقيه وكان قبله الشهيد الصدر الأول قد طرحه في محاضرات عرفت باسم «الحكومة الاسلامية» واقع الحال ليس ثمة خلاف في المضمون الفكري لكن الخلافات لكها في نوع التطبيقات التي جعلت مثل هذه الأفكار اما في المعارضة للنظام القائم من دون الحوار معه في تقاطع غير ذي رجعة فانتهى الى صدور احكام الاعدام ضدهم او تطبيقه بشكل مغاير ما بعد عام 2003 ليكون الفكر الشيعي على محك الأخطاء الجوهرية للتمسك بالسلطة، فانتهى الامر الى ميول شعبية لرفض هذه الأفكار لكن ذلك لم يمنع الأحزاب الاسلاموية من التجارة بالدين لكي تقنع عامة القوم بنماذج من التطبيقات التي أشار اليها الكاتب الايراني المعروف على شريعتي في كتابه «التشيع العلوي والتشيع الصوفي»، اليوم في ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم «ع» نتجه الى باب الحوائج ونتضرع الى رب العزة ان يحفظ الاسلام وأهله والعراق وشعبه.. اللهم آمين.
جريدة الوطن الكويتية
بغداد – مازن صاحب