لقي النائب العام الروسي السابق وعضو مجلس الدوما الروسي المنشق عن النظام الروسي دينيس فورونينكوف٫ مصرعه بعد إطلاق النار عليه في مدينة كييف الأوكرانية .
وأوضحت المصادر الامنية : أن الحادث وقع عند مدخل فندق قصر “بريمير”، حيث قُتل شخص واحد وأصيب اثنان آخران بجروح.
ونقلت الشرطة النائب العام الروسي إلى المستشفى قبل أن تعرف هويته، وبدأت التحقيق في الدوافع وراء الحادث.
والمنشق فورونينكوف وزوجته غادرا روسيا في أكتوبر 2016 بعد اتهامه بحيازة ممتلكات غير مشروعة في موسكو.
وقال قائد الشرطة في كييف “كريشينكو” : ” إنه تم تحديد هوية القتيل، مؤكدا أنه النائب الروسي السابق دنيس فورونينكوف، مضيفا أن منفذ عملية الاغتيال أصاب كذلك حارسا، إلا أن الأخير رد بإطلاق النار في المقابل.
ونشرت وكالة “رويترز” صورة لشخص مصاب على الأرض في مكان الحادث، موضحة أن هذا الشخص هو، على ما يبدو، قاتل النائب الروسي السابق.
وأكد أن الشرطة تدرس احتمال القتل المأجور في ارتكاب جريمة اغتيال السياسي الروسي السابق. وأوضح قائد الشرطة في كييف أن الحادث أودى بحياة شخص واحد وإصابة اثنين آخرين بجروح.
وتؤكد مصادر أمنية وإعلامية أن حارس فورونينكوف وقاتله أصيبا بجروح ونقلا إلى المستشفى.
من هو دينيس فورونينكوف
وقصة انشقاقه
حتى اكتوبر تشرين الاول الماضي ٫ كان دينيس فورونينكوف وزوجته ماريا ماكساكوفا اثنان من أبرز النجوم في فضاء السياسة الروسية من الذين كانوا يحاولون تحسين النظام الروسي من الداخل، أو بالأحرى تحسين جزء ضئيل منه فحسب، حيث اعتادا ركوب السيارات الفارهة وتناول العشاء مع كبار موظفي الكرملين في المطاعم الفخمة، ناهيك عن قضاء الإجازات في باريس وكان الفرنسيتين.
كِلَا الزوجين كان عضواً في البرلمان الروسي أو كما يعرف بمجلس الدوما. كان الزوج عقيداً في الجيش الروسي و مسؤولاً مخضرماً في مكتب الادعاء العسكري أيضاً، بينما كانت زوجته الحسناء الروسية الكلاسيكية ماكساكوفا، مغنية في أوبرا مارينسكي أو كيروف. عاش الزوجان حياة هنيئة في روسيا يحكمها بوتين، بيد أن نظام موسكو أكلهما لحماً ورماهما عظماً.
ولكنهما تحولا اليوم إلى مُخبِرَين ومُنشَقين لجأا إلى أوكرانيا، ويطاردهما جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إف إس بي، لكنهما يقولان أنهما على استعداد للمثول أمام القضاء للتحدث عن الأعمال الداخلية للمؤسسة الروسية الحاكمة.
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة الدايلي بيست، قال فورونينكوف: “ينبغي على الأمريكيين إدراك أن بوتين ورجاله مقتنعين أنه يُدَوِرُ العالم بقدمه مثل لاعب كرة القدم. وإن الهجمات الإلكترونية التي شنها جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قوية جداً على مستوى العالم. واليوم هم لا يستمعون إليك فقط / فقد استمعوا إلى جميع مكالماتي الهاتفية وسجلوها على مدار ثماني سنوات/، كما أنهم يهاجمون دولاً أخرى”.
وأضاف فورونينكوف أنه لم يكن أمامه وزوجته من خيار سوى الفرار من روسيا أواخر العام الماضي بهدف إحباط مخططات جهاز الأمن الفيدرالي الذي كان قد بدأ باستجوابهما بخصوص عدد من التهم الجنائية المزعومة والمتعلقة بصفقة عقارية مثيرة للجدل. إن الإستراتيجية المفضلة لِكَمِ أفواه مثيري المشاكل المشتبهين، هي اتهامهم بالفساد في ظل نظام يعشش فيه الفساد أصلاً.
لم يعترض أحدُ طريقَ هذين النائبين في مجلس الدوما، عندما حزما أمتعتهما وعَبَرا الحدود في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2016، أي قبل الموعد الرسمي المتوقع لانتهاء سريان حصانتهما البرلمانية أوائل ديسمبر/ كانون الأول من ذاك العام، غير أنهما لم يتوجها لا إلى ألمانيا بلد الجنسية الثانية لماكساكوفا، ولا إلى إسرائيل التي أقاما فيها حفل زواجهما على الطريقة المسيحية الأرثوذكسية الروسية، بل حطا الرِحال في أوكرانيا من أجل التعاون مع حكومتها التي يصفها كثير من أعضاء الكرملين بـ “المجلس العسكري” أو “دمية بيد الرئيس أوباما”.
تَحَدثَ فورونينكوف بعاطفية وكان يتفحص الرسائل الواردة إلى هاتفه الخلوي باستمرار أثناء جلوسه بجانب المدفأة في بهو فندق هيات في قلب العاصمة الأوكرانية كييف.
وقال فورونينكوف: “عرضت مجموعة من المجرمين في جهاز الأمن الفيدرالي السماح لي بدفع رشوة مقدارها 3 ملايين دولار مقابل إغلاق ملف القضية التي لفقوها ضدي”. وكان فورونينكوف واضحاً جداً في إشارته لاسم من يقود الحملة ضده وهو الجنرال أوليغ فيوكتيستوف.
وأصرَ فورونينكوف، النائب السابق على أنه لم يكن عدواً لروسيا، وأنه كان محباً لوطنه ولكنه أراد تسمية بعض الأسماء أمام القضاء. بعد أن سرقت الحكومة الروسية شركة يوكوس للنفط وزجت بمؤسسها ميخائيل خودوركوفسكي في السجن عام 2003، منح الرئيس بوتين كامل فريق الجنرال فيوكتيستوف الضوء الأخضر ليسرقوا ويضايقوا رجال الأعمال، هذا ما جاء على لسان فورونينكوف أثناء حديثه للصحيفة، و زَعَمَ أنه في العام 2014 سيطر جهاز الأمن الفيدرالي على قطاع التجارة وسجن الآلاف على خلفية جرائم اقتصادية مفترضة. استطاعَ الرَجُلُ التنبؤ بمصير مشابه لهؤلاء وقال: “5,0 % فقط من أحكام القضاء الروسي هي أحكام بالبراءة، وحتى أنه كانت النسبة 20% إبان حكم ستالين. يبدو أن نظام بوتين يشبه كثيراً نظام النازيين”.
وأدانت موسكو فورونينكوف وزوجته واتهمتهما بأنهما أعداء للشعب الروسي، وذلك استناداً على أفضل تقاليد جهاز الاستخبارات الروسية كي جي بي وجهاز الشرطة السرية في عهد الاتحاد السوفييتي، التي اتبَعها بالأساس الرئيس فلاديمير لينين قبل نحو قرن من الزمن.
ووصف النائب الروسي فيتالي ميلونوف ٫ ماكساكوفا أنها “عاهرة سياسية”. بدورها تحدثت ماكساكوفا مغنية الأوبرا والعضو في البرلمان، بقوة ضد تشريع ميلونوف ولصالح حقوق مجتمعات المثليين، وكانت أيضاً النائب الوحيد في مجلس الدوما الذي لم يُصوت لصالح القانون الذي منع العوائل الأمريكية من تَبَني الروس اليتامى.
وكانت تجمع الزوجين بكبار ضباط الكرملين، علاقات دافئة وحميمة، إذ منذ وقت ليس ببعيد، كان فورونينكوف يصافح فلاديسلاف سركوف، أحد المناصرين لأيديولوجية بوتين حول سياسة روسيا العظمى. كما أنهما اتخذا وضع المتكلف أثناء التقاط صورة جمعتهما بسيرغي ناريشكين رئيس مكتب الاستخبارات الروسية الخارجية.
وفي إحدى الصور الملتقطة حديثاً للعائلة، تحضُن ماكساكوفا وهي فخورة، زوجها وابنها المراهق والطالب في كلية سفورف العسكرية. ويظهرُ في الصورة كل من الأب والابن بالزي العسكري الكامل، إذ كانت تبدو مثل صورة لعائلة وطنية.
وأما النائب ميلونوف، الزميل السابق لفورونينكوف في مجلس الدوما، قال: “لقد خسر فورونينكوف كرامته واي حق في أن يكون ضابطاً روسياً، ما فعله كان خيانة، وقد أهان هذا الرجل شرف الزي العسكري الذي كان يرتديه يوماً ما”.
ويقول فورونينكوف أنه لا يعتقد أن السلطات الأوكرانية سوف تسلمه وزوجته لموسكو، إذ إن خطوة كهذه من شأنها أن “تلطخ سمعة كييف في المحافل الدولية” على حد تعبيره.
واخيرا انهت رصاصات رجل ملح حياة فورونينكوف في كييف الذي اخطآ في اختياره لها لانه كانت تشكل هدفا سهلا للمخابرات الروسية اقتناصه وانهاء حياته ٫ وهكذا تكون غلطة الشاطر بالف .